البحث في المدوِّنة

2019/09/28

*أمرؤ القيس والقرآن

.
دَنَـت السَّـاعةُ وٱنشقَّ القَمر*مِن غَزالٍ صَادَ قلبِي ونَفَر
وإذا مَا غــابَ عنِّي سَــاعةً*كانَت السَّـاعَةُ أدهَى وَأَمَر

اختلَفَ الباحثونَ والنُّقاد، ما بين عائدٍ وغاد، في نسبةِ هذه الأبيات -وهي بالقافيةِ المقيدةِ روي الراء على وزن الرمل-، فمنهُم من قالَ هي مِن شعرِ ٱمرئ القيس، ومنهم مَن قالَ منحولَةٌ عليه، ومنهم من قالَ هي لغيرهِ مِن المتأخرين، ومنهم من شككَ في القرآن الكريم بسبَبِها، فقد وردَ في سورةِ القمر ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ١))، لكن لو فتحنَا بابًا للتأملِ وهلةً، لقلنا فِي المَقام..
صَدر البيتِ سياقُهُ وصياغتُهُ قرآنيةً لا شعريةً، فهي تتعَلقُ بٱعتقادَاتٍ معينةٍ وهي بعيدةٌ عَن التَعبيرِ الشِّعرِي، فٱلقَمَر عندَ العَرب وجهُ الحَبيبةِ، فحينَ ينشَقُ فهو شيءٌ غير لائِق، فليسَ مِن ٱلمعقولِ أن يشبِّهَ ٱمرؤ القيسِ وجهُ المحبوبةِ بٱلقَمرِ المُنشَق، ثُم بعدَ ذلكَ يقولُ في العَجز (مِن غزال..)!
ثُمَّ إنَّنا لو قُلنَا لا يعني ٱمرؤ القيسِ بالقمَر وجهَ الحبيبةِ وإنَّما يعنِي بهِ ما يعنيهِ المسلِمونَ، فكلُّنا نعلَم بأنَّ ٱمرأَ ٱلقيسِ وثنيٌّ، وإن قالَ أحدٌ بأنَّهُ نصرانِي كمَا عدَّه (لويس شيخو) من شعراءِ النصرانيَّة، أيضًا لم أجِد في كُتبِ الأولينَ دلالة لشَقِّ القمَر، وهَب أَنَّهُ كانَ يقصدُ ذلكَ، ماذا سيكونُ معنى البَيت؟!
ثمَّ (السَّاعَة) أيُّ ساعةٍ يعنيها، الواضح ممَّا تضمنَتهُ الأبياتُ وفي المطلَعِ (ميعادٌ) أي ساعة اللقاءِ، وشتان ما بين ذي الدلالة والدلالة التي أرادَها اللَّهُ في الآية.
وفي الخلاصَةِ أقولُ، هذا شعرٌ موضوعٌ، وقد بحثتُ فلَم أجده في ديوانِ ٱمرئ القيسِ لا في المحققِ منها ولا في غيرِها، وما هي إلا أبياتٌ ٱبتدعها المحدثُون كغيرِهَا مِن الأبياتِ المنسوبَةِ إلى غير قائليهَا وهنَّ كُثُر. اه‍
.
#كشاجم_مرتضى_فيلي
#murtadhafaili