*بتنا على وجل
.
بتنَا عَلى وجَلٍ في أَمرِ لُقيَانَا
حِينًا وأَضيَقُها في الأَرضِ مَيدَانَا
وفُرِّغَ ٱللُّبُّ إِلَا مِن شَجَى وجَوى
أَلفَى بُطَينَاهُ مِن هَذينِ مَلآنَا
ما كَانَ طَيفِي بعيدًا عَن مَقَامِهِمُ
لَكِنَّنِي مَن إِذَا دَاهَنتَهُ كَانَا
سِيقَت لَيَالِيَّ بِالخِّلَّانِ شَاغِلَةً
والطَّيفُ يَحضُرُ إِنْ طَالَبتَ بُرهَانَا
غَازَلتُ مَطلَعَهَا واللَّيلُ يَرقَبُني
حَتَّى ظَنَنتُ بَأَنَّ اللَّيلَ غَيرانَا
شَمَائِلٌ كَبُروجِ اللَّيلِ وَاضِحَةً
قَد زُيِّنَت للوَرَى أَلبَدرَ مُزدَانَا
أَمسَيتُ مُعتَلِيًا، بٱلحُسنِ مُختَلِيًا
للنَّجمِ مُقتَنيًا، والعَقلُ سَكرانَا
إِنِّي لأكَشفُ سِرِّي دُونَ هَمهَمَةٍ
لَا أَتَّقِي في الوَرَى إِنسًا وَلَا جَانَا
وإنَّنا ثُلَّةٌ إذا الجُنُونُ قَضَى
لَن تلقَى في جَمعِنَا إلا الَّذي فانَا
حَتَّى إذَا فَغَرَتْ للوَصلِ فَاغِرةٌ
تهَلهلتْ ذِي الحَشَا شَدوًا وَأَلحَانَا
إِذَا جُننَّا وجَدتَ الدَّهرَ مُضطرِبًا
وإن هَدأنَا وجَدتَ الفُلكَ نَشوَانَا
وإن فَرحنَا وَجَدتَ الشَّمسَ ضاحِكَةً
وإن حَزنَّا شَهِدتَ السُّحبَ أجفَانَا
أيقَنتُ بَعدَكَ لَن أهفُو إِلَى أَحَدٍ
فَوَجدُ أَهلِ الهَوى لَن تَرضَى عِصيانَا
كُن كَيفَ شِئتَ فَقَد تُوِّجتَ فِي دَعَةٍ
تَاجًا أعزُّ مِن السُّلطَانِ تِيجَانَا
مَا بَدَّلَ ٱلبَونُ حُبِّي قَيدَ أُنمُلةٍ
أنَّى يُبَّدَلُ حُبٌّ باتَ قُرآنَا
يَا مَن إِذَا رُمتَ رَامَ ٱلقَلبُ مُمتَثِلًا
قَسرًا وطَوعًا وَإِن حَكَّمتَهُ رَانَا
يَا مَالِكَ القَلبِ لِي مِن لَهفتِي وَلَهٌ
عَرفتَهَا إذ جَعَلتُ البُعدُ بُهتَانَا
فَيَا بَعيدَ الخُطَى أَدنَوتُهُ أَمَلًا
فَكُن سَخيًّا عَلَى مَن فِيكَ كَيوَانَا
لَيتَ اللِّحاظَ الَّتي ما زِلنَ تَسحرُنَا
دامَت كَما نحنُ نَهواهُنَّ تهوانَا
وإنَّني مِنهُ لا أَنفَكُّ فِي شُغُلٍ
فِي كُلِّ حِينٍ إِذَا مَا نَاءَ أو دانَا
لَئِن تَنَاءَوا فَلِي فِي عَهدِهِم أَمَلٌ
وَأَجمَلُ القُربِ مَا وَافَاكَ إبَّانَا
فلَستُ عَن ذِكرِهِم يا قَومُ مُنقَطعًا
هِذي اللَّيَالِي سَلوهَا، كَيفَ نَجوانَا
وهُم فُويقَ جنانِ الخُلدِ مَنزِلةً
ودونَ مَا فَوقهَا سِحرًا وإحسَانَا
لهُم مِن الحُسنِ مَا للحُسنِ عندَهُم
رأَيتَهُم أو رأَيتَ الحُسنَ سيَّانا
لَئِن رأتهُم عيوني الرُّمدُ باسِمةً
تَرونَقَت بالشَّفا سِرًّا وإِعلَانَا
وإنَّ فِي الشَّوقِ ما يكفيكَ شِدَّتُهُ
ومُنتَهى العِشقِ هَجرُ العَقلِ أَحيَانَا
وكَم لنَا يومُ وَصلٍ لا شَبيهَ لهُ
أغاظَ حُسَّادَنا دَهرًا، وأغلَانَا
مَا ذَاقَ طَعمَ ٱلهَوى مَن لَا ٱشتيَاقَ لَهُ
ولَن تَرَى وَاصِلًا قَد بَاتَ ضَمآنَا
والشَّوقُ تُرعِدُ في قَلِبِي صَوَارِمُهُ
وٱلعَينُ قَد هَمَعتْ، والدَّمعُ قَد بَانَا
لمِثلِهم لَفظَت عَينِي مَدَامِعهَا
إِلى لقَاءٍ يفُوقُ الشِّعرَ تبيَانَا
.
@murtadhafaili