ما تعدد وزنه وتفرد عدده
مِن العُلُومِ الَّتِي لَا نَجدُ نَظِيرًا لَهَا فِي غَيرِ العَرَبِيَّةِ هُوَ عِلمُ العَرُوضِ الذِي وَضَعَهُ الخَلِيلُ بنُ أَحمَدَ الفَرَاهِيدِيُّ، وَهُوَ عِلمٌ يُعرَفُ بِهِ سَلَامَةُ الوَزنِ الشِّعرِيِّ مِن فَاسِدِهِ، وَقَد استَقرَأَ الفَرَاهِيدِيُّ الشِّعرَ العَرَبِيَّ فَوَضَعَ البُحُورَ الشِّعرِيَّةَ ثُمَّ جَمَعَ كُلَّ مَجمُوعَةٍ مِن الأَبحُرِ تَحتَ دَائِرَةٍ، فَمَثَلًا (دَائِرَةُ المُؤتَلف) تَشمِلُ وَزنَ الوَافِرِ وَالكَامِلِ، و(دَائِرَةُ المُختَلِف) تَشمِلُ وَزنَ الطَّوِيلِ والبَسِيطِ والمَدِيدِ، و(دَائِرَةُ المُجتَلب) تَشمِلُ وَزنَ الهَزَجِ والرَّجَزِ والرَّمَلِ وهكذا، وَمِمَّا لَا يَخفَى أَنَّ كُلَّ بَيتٍ أَو قَصِيدَةٍ تُنظَمُ عَلَى وَزنٍ مُعَيَّنٍ، وَقَد أَحبَبتُ أَنْ أَجمَعَ فِي البَيتِ الوَاحِدِ أَكثَرَ مِن وَزنٍ، وَمِثَالُ مَا اجتَمَعَت فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوزَانٍ قَولِي:
بَدَا لِي حُسْنُ حَالٍ فِي تَدَانِينَا • كَمَا لِي سُوءُ حَالٍ فِي تَنَائِينَا
فَإِنْ قَرَأتَ البَيتَ وَجَدتَهُ عَلَى وَزنِ الهَزَجِ، وَإِنْ بَدَأتَ مِن (لِي) وَجَعَلتَ (بَدَا) فِي آخِرِ البَيتِ أَصبَحَ عَلَى وَزنِ الرَّجَزِ، كَمَا يَأتِي:
لِي حُسْنُ حَالٍ فِي تَدَانِينَا كَمَا • لِي سُوءُ حَالٍ فِي تَنَائِينَا بَدَا
وَإِنْ بَدَأتَ مِن (حُسْنُ) وَجَعَلتَ (بَدَا لِي) فِي آخِرِ البَيتِ أَصبَحَ عَلَى وَزنِ الرَّمَلِ، كَمَا يَأتِي:
حُسْنُ حَالٍ فِي تَدَانِينَا كَمَالِي • سُوءُ حَالٍ فِي تَنَائِينَا بَدَا لِي
وَبِذَلِكَ اجتَمَعَت ثَلَاثَةُ أَوزَانٍ فِيهِ.
وَأَمَّا مِثَالُ مَا اجتَمَعَ فِيهِ وَزنَان فَقَولِي:
لَنَا فِي الوَجدِ أَمرٌ لَيسَ يُبعِدُهُ • جَوًى مُضنٍ، وَأَرجُو أَنْ يُقَرِّبَهُ
فَإِنْ قَرَأتَ البَيتَ وَجَدتَهُ عَلَى وَزنِ الوَافِرِ.
وَإِنْ بَدَأتَ مِن (فِي) وَجَعَلتَ (لَنَا) فِي آخِرِ البَيتِ أَصبَحَ عَلَى وَزنِ الكَامِلِ، كَمَا يَأتِي:
فِي الوَجدِ أَمرٌ لَيسَ يُبعِدُهُ جَوًى • مُضنٍ، وَأَرجُو أَنْ يُقَرِّبَهُ لَنَا
وَبِذَلكَ اجتَمعَ وَزنَانِ فِيهِ. اه.
@murtadhafaili